لماذا يجب علي الايمان بقيامة المسيح؟

لماذا يجب علي الايمان بقيامة المسيح؟
  • Source: Got Questions
  • Published date: 08/09/2018
  • Category : اسئلة عن يسوع

 إنه من المتفق عليه أن يسوع المسيح قد مات صلبًا في اليهودية، في القرن الأول الميلادي، وفي عصر بيلاطس البنطي.  ونرى أن كثيرًا من الوثائق التاريخية التي دونها مؤرخون غير مسيحيين، تؤكد الظروف التاريخية المحيطة بموت المسيح؛ بما في ذلك ما دونه فلافيوس يوسيفوس، وكورنيليوس تاسيتوس، و لوسيان الساموساتي.

وبالنسبة لقيامة المسيح، فنرى أنه العديد من الأدلة التي تشير وتؤكد قيامته.  ونرى أن المحامي الشهير، سير ليونيل لوكهو (الذي ذكر اسمه في موسوعة جينيس العالمية – لكسبه 245 قضية متوالية)، يؤكد على قوة وصحة الأدلة المحيطة والمؤكدة لقيامة المسيح.  ويقول: "إن هناك كثير من الأدلة المؤكدة، مما لا يترك لديَّ أي شك في صحة قيامة المسيح."

وفي حين أننا نرى أن المجتمعات اللادينية تتعامل مع أي شيء خارج عن الطبيعة بحيطة وشك، حيث إن أسلوبهم يتجه إلى محاولة تفسير كل شيء بطريقة طبيعية ومُسببة.  وإن كانت الأدلة التاريخية لا تتفق مع أسلوبهم البحثي (مثل القيامة المعجزية)، فإنهم لا يهتمون بالأدلة ويستمروا في جدال الحدث والشك فيه.

وفي رأينا، إن لأي بحث علمي يتناول المسببات الطبيعية ويتجاهل الأدلة المؤيدة للحدث، بأنه أسلوب مخالف للعلم، بل وأنه أسلوب غير قادر على إبراز نتائج علمية تعضد البحث في الأدلة.  ولذا، فنحن نؤيد ما دونّه الدكتور ورنر فون براون، وآخرون، بأن الفلسفة المركزة على الأدلة الطبيعية فقط، تعرقل التوصل إلى نتائج حقيقية. فمحاولة الاقتناع بنتيجة واحدة فقط ... تعرقل صلاحية البحث العلمي.

ولهذا دعونا نختبر بعض الأدلة المعضدة لقيامة المسيح:

الدليل الأول على قيامة المسيح

كبداية، لدينا شهادة شهود العيان.  والمسيحيون الأولون قاموا بالكتابة عن المئات الذين عاينوا المسيح بعد قيامته، وبعضًا من هؤلاء الشهود كتبوا عن رؤيتهم بأنفسهم.  ونجد أن الكثير من هؤلاء الشهود قد عُذبوا، بل وقُتلوا لأنهم لم يغيروا أقوالهم عن رؤية المسيح المُقام. وهذا يدل على صدقهم. وتبعًا لما هو مدون في أعمال الرسل 4: 1- 17، أن الكثير من المسيحيين كان يمكنهم تفادي التعرض للتعذيب إن قاموا بإنكار إيمانهم. ولكننا نجد أن الكثيرين فضلّوا التعذيب والإهانة بل والموت نفسه، في سبيل إعلان قيامة المسيح.

وبالرغم من إن الاستشهاد شيء يستحق الإعجاب، فربما لا يُقنع باعتقاد معين (إظهار الإيمان بشكل ملموس).  لكن، مما يستحق الإعجاب بأن هؤلاء الشهداء كانوا يؤمنون بأن ما رأوه هو حق. فإما أنهم رأوا يسوع بعد موته وقيامته أم لا.  وهذا شيء رائع. فإن كان هذا كذبة كبيرة، فلماذا قرر كثير من الناس تكرار نفس الكذبة؟ لماذا يقومون بالكذب ثم يتعرضون للاضطهاد، والسجن، والتعذيب والموت؟ّ!

لقد كان التلاميذ من هؤلاء الناس الذين اعترفوا برؤيتهم للمسيح، ولقد غيرت هذه الشهادة حياتهم.  فلقد اختبأوا بعد صلبه خوفًا على حياتهم. ولكن، بعد قيامة المسيح نجد أنهم قد تشجعوا وذهبوا يكرزون عما رأوه في الشوارع وبكل شجاعة.  فما الذي غير أسلوبهم بهذه الطريقة؟! قطعًا، لم يكن كسبًا ماديًا، فقد ضحى التلاميذ بكل ما يملكوه، بما في ذلك حياتهم؛ للكرازة بقيامة المسيح.

الدليل الثاني على قيامة المسيح

الدليل الثاني هو إيمان الكثير من المتشككين، وعلى سبيل المثال: الرسول بولس.  فلقد اعترف الرسول بولس أنه كان مُضطَهِدًا عنيفًا للمسيحيين والمسيحية. ولكن بعد أن تقابل مع المسيح المُقام، تحوّل الرسول بولس من مُضطَهِد المسيحية إلى أعظم المدافعين المضحيين عنها!  ومثل كثير من المسيحيين الأوائل فقد عانى الرسول بولس من الفقر، والاضطهاد، والضرب، والسجن، بل وحتى الإعدام في سبيل إيمانه بالمسيح، وقيامته.

ولقد كان يعقوب متشككًا، وإن لم يكن يحمل نفس العداء للمسيحيين مثل بولس.  ونجد أن اختباره مع المسيح المُقام حوّله إلي تابع أمين. بل، وإلى قائد للكنيسة في أورشليم.  ونرى أنه قام بكتابة واحدة من أقدم الرسائل للكنيسة الأولي. ومثل بولس، نري أنه قد تعذب ومات، من أجل شهادته للمسيح.  مما يثبت صدق إيمانه (انظر أعمال الرسل).

الدليلان الثالث والرابع على قيامة المسيح

الدليلان الثالث والرابع على قيامة المسيح يتناولان القبر الفارغ.  لقد صُلب المسيح ودُفن في أورشليم، فلا يمكن أن يتم الإيمان بقيامته في أورشليم إن لم يكن حقيقة.  فإن كان جسده مازال في القبر، لكان السنهدرين (مجمع اليهود) أعلن ذلك ووضعوه علانية لمنع تداول الشائعات عن قيامته.  ولكننا نجد أن المجمع قد اتهم تلاميذ المسيح بسرقة جسده؛ لتفسير عدم وجود الجسد في القبر. فكيف يمكننا تفسير عدم وجود جسده في القبر؟  هناك ثلاثة تفسيرات لهذا الأمر:

اولاً: إن التلاميذ قاموا بسرقة الجسد، وإن كان ذلك صحيحًا لكانوا علموا أن قيامة المسيح كذبة كبيرة.  ولم يكونوا على استعداد للتضحية بأرواحهم في سبيل المسيح (الدليل الأول). وقتها، فكل الذين ادعوا أنهم عاينوا المسيح بعد صلبه وقيامته، لكانوا بالحقيقة يكذبون.  ولكن، من هم هؤلاء المتآمرون؟! وإن كان ذلك صحيحًا لكان واحد منهم قد اعترف تحت التعذيب والتهديد، إما لنفسه أو أقاربه وأحبائه. فنحن نعلم أن مسيحيي العصر الأول قد عانوا من تعذيب واضطهاد شديد، خاصة تحت الحكم الروماني في عام 64 ميلاديًا (تحت حكم نيرون الذي قام باضرام حريق هائل في روما؛ لإيجاد مكان لتوسيع قصره، ولكنه اتهم المسيحيين بإضرام ذاك الحريق).  ويكتب المؤرخ كورنيليوس تاسيتوس عن ذلك الحدث: 

"لقد ألقى نيرون اللوم وقام بتعذيب قوم يطلق عليهم العامة (المسيحيون) أقسي عذاب، وقد تسميتهم بذلك؛ لاتباعهم للمسيح.  ولقد قاسوا وذاقوا أنواع العذاب، وقت حكم طيباريوس على يد بيلاطس البنطي. وانتشرت البدعة ليس فقط في اليهودية بل أيضًا في روما؛ حيث يجتمع كل ما هو سيء و معيب ومخذل من جميع أنحاء العالم. وتبعًا لذلك، فقد ألقي القبض على جمع غفير.  كل من اعترف ليس بإشعال الحريق في المدينة، لكن بأنه مسيحي! وذلك بسبب الكراهية. وقد تم التمثيل بهم بكل طريقة ممكنة. ولقد غطوا أجسامهم بجلد الحيوانات وأطلق عليهم الكلاب المفترسة، فمزقت أجسامهم حتى لقوا مصرعهم! أو صُلبوا، أو تم رميهم في اللهيب وأحرقوا أجسامهم للإضاءة في أثناء الليل!" (المؤلَف التاسع رقم 44). 

ولقد عُرف عن نيرون بأنه أضاء الحفلات التي أقامها في حدائق قصره بأجساد المسيحيين المحترقة!  فكان من الطبيعي أن يعترف شخص ما بالحقيقة تحت هذا التعذيب الرهيب. والحقيقة، أنه لا يوجد أي شيء مدون عن تراجع المسيحيين عن إيمانهم تحت هذا العذاب الرهيب.  بل على العكس، فما هو مدون يتناول المئات من الناس الذين عاينوا المسيح بعد صعوده، واستعدادهم لتحمل الآلام والعذاب، بل والموت في سبيل ما رأوه.

فإن لم يسرق التلاميذ جسد يسوع، كيف يمكننا تفسير حقيقة القبر الفارغ؟  البعض يدعي أن المسيح قد قام بتمثيل موته ثم قام بالهروب من القبر! وهذا من غير المعقول، إذ أن الجموع رأت يسوع أثناء ضربه، وجلده وتعذيبه وصلبه.  ولقد عانى من فقدان مقدار كبير من الدماء؛ نتيجة للحربة التي طُعن بها في جنبه. فلا يُعقل أن يكون المسيح قد عاش بعد تعرضه لكل ذلك العذاب! وجلوسه في القبر من غير أي معونة طبية، أو مأكل أو مشرب!  بل ويكون علي مقدرة لدحرجة حجرًا كبيرًا جدًا غطى المدخل إلى قبره! والهروب من غير أن يترك أي علامات أو حتى قطرات من الدم! ثم يقوم بالظهور لمئات من الناس، ويقنعهم بأنه بصحة جيدة! ثم يقوم بالاختفاء من غير أي أثر!  فهذا بالطبع شيء لا يُعقل.

الدليل الخامس على قيامة المسيح

والدليل الخامس والأخير، يتناول غرابة شهادة من رأوه.  فنرى مما هو مدون، أن أول من رآه كانوا النساء. وهذا شيء غريب حيث أن في العصر اليهودي والروماني كانت النساء لا قيمة لهن.  وشهادتهن كانت غير معترف بها. وتبعًا لذلك، لا يُعقل أن يحاول شخص في القرن الأول إقناع الآخرين استنادًا على ما رآه النساء. فإن كان كل الرجال الذين عاينوا المسيح المُقام كاذبون، فلماذا اختاروا قصة وهمية وشهود مشكوك فيهم؛ لإثبات صحة قصتهم؟!

ويوضح الدكتور( ويليام لين كريج): "عندما تدرس دور النساء في القرن الأول الميلادي في المجتمع اليهودي، فإنك ستجد أنه من المدهش أن قصة القبر الفارغ توضح أن النساء كانوا أول من اكتشفوه.  فقد كانت النساء في في ذلك الوقت في أدنى الطبقات الاجتماعية. (وهناك مقولات يهودية قديمة تقول: لتُحرق كلمات القانون قبل وصول القانون للنساء! وأُخرى تقول: مبارك من يكون نسله رجالاً، وويل لمن نسله نساءً!)  فشهادة النساء كانت لا تعني شيئًا؛ إذ كُنَّ غير معترف بهن في المحاكم كشهود. وفي ضوء ذلك، فأنه من المدهش أن أول شهود القبر الفارغ قد كانوا نساء! فأي قصة خيالية لكانت اختارت أن يكون التلاميذ هم مكتشفي عدم وجود جسد يسوع، ربما بطرس أو يوحنا.  لكن، كون أن مكتشفي القبر غير متوقعين، يجعلنا نصدق أن هذه قصة حقيقية غير محبوكة. وإن مدوني الأناجيل قاموا بتدوين الأحداث كما هي، حتى وإن كانت مخجلة. ويؤكد لنا أن ذلك تدوين تاريخي للأحداث وليس خيالي." (د. ويليام لين كريج، من كتابات: لي ستروبل، القضية للمسيح – دار زوندرافان للنشر والطباعة، عام 1998، صفحة 293).

الملخص

كل هذه الأدلة: صدق الشهود الواضح (وفي حالة الرسول بولس التغيير الواضح والملموس)؛ وتحول الشهود المتشككين إلى مؤمنين يضحون بأرواحهم؛ والقبر الفارغ؛ ومحاولة العدو لنفي حقيقة القبر الفارغ؛ وحقيقة أن كل ذلك حدث في أورشليم – حيث بدأ الإيمان بالقيامة؛ وشهادة النساء – أهمية هذه الشهادة في هذا الوقت من التاريخ.  كل الأشياء التاريخية المدونة عن القيامة، كلها أشياء تدعونا إلى تشجيع القارئ على التفكير في حقيقة قيامة المسيح والأدلة المُقدمة. ماذا تعتقد؟ كوننا قمنا بالتفكير وبحث هذه الأدلة، فذلك يدعونا إلى تكرار ما قاله السير ليونيل: "إن الأدلة المرجحة لقيامة يسوع المسيح قوية جدًا، لدرجة أنها ترغم الفرد على قبول الإثباتات، مما لا يترك أي مجال للشك."